السياسة والاقتصاد في تونس.. خطّان متوازيان لا يلتقيان؟
تعيش البلاد التونسية أزمة اقتصادية، تتجسّد أساسا في ارتفاع الأسعار والتضخّم وتدهور مستوى معيشة المواطنين، ويمكن القول إنّ هذه الأزمة عمّقها التذبذب السياسي، على اعتبار أنّه دائما ما يكون هناك ارتباط وثيق بين السياسة والاقتصاد، فقد تؤثر السياسة سلبا أو إيجابا على الاقتصاد.
وفي هذا السياق، استضاف برنامج "ميدي شو"، اليوم الجمعة 9 سبتمبر 2022، الباحث في العلوم السياسية محمد الصحبي الخلفاوي والناشط السياسي والوزير السابق عماد الحمامي والخبير الاقتصادي والمالي عزّ الدين سعيدان، للحديث عن الأوّلويات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الفترة القادمة وأبرز المقترحات لتصفية المناخ الانتخابي.
السياسة والاقتصاد
اعتبر الناشط السياسي والوزير السابق عماد الحمامي أنّه لا يمكن الحديث عن نجاح المسار الاقتصادي طالما لا توجد رؤية سياسية واضحة، قائلا إنّ أغلب البلدان التي حقّقت تقدّما اقتصاديا، حقّقت قبلها استقرارا سياسيا.
وأضاف أنّه طالما العملية السياسية، في تونس، ليست مستقرة فلن نستطيع تحقيق التقدّم الاقتصادي.
من جهته، انتقد الباحث في العلوم السياسية محمد الصحبي الخلفاوي، غياب رؤية اقتصادية لدى الفريق الحكومي وتفضيله الجانب السياسي على حساب الاقتصادي، وهو ما جعلنا اليوم، نتساءل "إلى أين نحن ذاهبون؟"، وفق قوله.
وتابع أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد كانت له إمكانيات تدخّل واسعة لكنّه لم يقم بشيء، كما أنّ الدستور الجديد يرسّخ للاستثناء وللسلطة القائمة القائمة منذ 25 جويلية الفارط، حتّى أنّ المجلس التشريعي القادم لن تكون له سلطة، وحتّى أنّ صلاحياته ستكون محدودة، وفق قوله.
ورأى أيضا، أنّ رئيس الدولة قيس سعيّد يحكم بالعقل السياسي فقط، ولا رؤية اقتصادية له، داعيا إيّاه في هذا الصدد، إلى لمّ الشمل وتوحيد الجبهة الوطنية من أجل إيجاد حلول للنهوض بالاقتصاد.
أمّا الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان فقد شدّد على أنّه لا مجال لفصل الاقتصاد والسياسة، بيد أنّ "السياسيين في تونس أهملوا الجانب الاقتصادي وأغرقوا الدولة في جبال ديون لا قيمة لها".
وقال: "في وقت من الأوقات أرادت تونس تحقيق السلم الاجتماعي، لكنّنا نبّهنا من أنّ السلم الاجتماعي لا يشترى، بل يُبنى بالاستثمارات وبتوفير مواطن شغل".
صندوق النقد الدولي
ووصف الناشط السياسي والوزير السابق عماد الحمامي اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بـ "الشرّ الذي لا بدّ منه"، مشدّدا على أهمية التوصّل إلى اتّفاق معه على اعتبار أنّ البلاد حاليا في حاجة ماسّة إلى الاتّفاق معه.
وتابع أنّ صندوق النقد الدولي ليس من سيحقّق لنا الإصلاحات المأمولة، وبالتالي وجب التعويل الذاتي للنهوض فعليا باقتصاد البلاد.
أما عزّ الدين سعيدان، فقد تساءل "بأيّ مصداقية نحن متوجّهون إلى صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي تقترح فيه الحكومة أمورا، يرفضها رئيس الدولة (في إشارة إلى رفع الدعم)"، معتبرا أنّه "لا اتّفاق مع صندوق النقد الدولي بالوضعية الراهنة".
وأضاف: "لا اتّفاق مع صندوق النقد الدولي سنة 2022، والسؤال المطروح كيف ستتعامل الدولة مع نفقاتها لبقيّة السنة الحالية".
واستنكر سعيدان غياب ميزانية تكميلية، مندّدا بـ "سياسة الإنكار والهروب إلى الأمام والصمت التي يعتمدها الفريق الحاكم رغم الأحداث الجسيمة التي تعيشها البلاد". وشدّد على أنّه وجب احترام الشعب التونسي ومصارحته بواقعه.
ما الذي يمنع الانطلاق في الإصلاحات الكبرى؟
واعتبر الناشط السياسي والوزير السابق عماد الحمامي "أنّنا مازلنا في الوضع الاستثنائي"، ثمّ سوف ندخل في منظومة ديمقراطية عاديّة، بحلول شهر جانفي 2023، ليتمّ إثر ذلك الانطلاق في الإصلاحات، وتنفيذ ما ينتظره الشعب التونسي.
وتوقّع الحمامي أن "نصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي، ليتمّ في سنة 2023 الانطلاق في الإصلاحات.
ولكن الباحث في العلوم السياسية محمد الصحبي الخلفاوي لم يوافقه الرأي، حيث استبعد إمكانية التوصّل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأشار عزّ الدين سعيدان، وفي هذا السياق، إلى أنّ ستّة تقارير صادرة عن مؤسّسات دولية تساءلت "عمّا تنتظره تونس للانطلاق في الإصلاحات الكبرى".